ماذا لو قال لك أحدهم : إن يوم القيامة يوم الجمعة؟ أو انتشرت شائعة كالنار فى الهشيم؛ تؤكد لك نفس المعنى ؟!
فى تاريخ الجبرتى .. حدث ذلك بالفعل!
و .. أنه في ذي الحجة سنة 1147هـ ؛ ظهرت في القاهرة شائعة قوية ؛ جرت مجرى النار في الهشيم ؛ وامتدت إلى القرى والأرياف ؛ بأن القيامة ستقوم يوم الجمعة السادس والعشرين من ذي الحجة. وودع الناس بعضهم بعضاً. وقال الإنسان لرفيقه بقى من عمرنا يومان. وخرج الكثير من الناس إلى الغيطان والمتنزهات ؛ يقولون لبعضهم البعض : دعونا نعمل حظنا ، ونودع الدنيا قبل أن تقوم القيامة !
وتحسر الصالحون على ضياع عمرهم وقرب مماتهم . واستمر أهل الخلاعة والرقاعة في خلاعتهم ورقاعاتهم ؛ بل وأمعنوا فيها حتى يأخذوا بأكبر قسط منها ؛ قبل أن تقوم قيامتهم .
وطلع أهل الجيزة نساء ورجالاً ؛ وصاروا يغتسلون في البحر. ومن الناس من علاه الحزن وداخله الوهم . ومنهم من صار يتوب من ذنوبه ، ويدعو ويبتهل ويصلي .
ولكن بعض الناس شكوا فى الخبر؛ ولم يقبلوه . فكان مصير هؤلاء المكذبين الذين آمنوا بالله حق إيمان ؛ وصدقوا قوله تعالى : إن الله عنده علم الساعة . وقوله تعالى : "يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ".
فهؤلاء.. كذبهم باقى الناس ؛ بل وشككوا فى معتقداتهم !
واستمر الناس في غيهم ؛ وصدقوا أقوال المشعوذين . فإذا قيل لهم : آمنوا بالقرآن الكريم ، ذهبوا إلى أن فلاناً القبطي عنده علم الجفر ؛ الذي يخبر بما كان وما هو كائن .. وبما سيكون .
وأن هذا الرجل القبطي .. ذهب إلى الأمير الفلاني وقال : إن لم تصدقني أيها الأمير؛ بأن القيامة ستكون الجمعة القادمة ؛ فأحبسني عندك إلى هذا اليوم ، فأن لم تقم القيامة فاقتلني .. فيصدقه الأمير .
أو أن فلاناً اليهودي يعرف اليازرجات (التنجيم وعلم الغيب) ؛ وأنه تنبأ قبل ذلك بعدة تنبؤات صدقت كلها . وهو الذي يقول الآن بأن القيامة ؛ ستقوم الجمعة القادمة.
وهكذا.. أخذ الناس يتحدثون عن يوم الجمعة ؛ وهم بين مكذب ومصدق . والذين صدقوا بين تائب مستغفر ؛ وبين خليع أراد أن يأخذ أكبر قسط للهوه ولحظته.. قبل أن توافيه منيته ؟
و جاء يوم الجمعة ؛ ولم تقم القيامة . ولكن تساءل الناس : كيف أن القيامة لم تقم ؟ وهنا ادعي بعض الناس ؛ أن السادة : أحمد البدوي وإبراهيم الدسوقي والشافعي ؛ تشفعوا في ذلك عند الله تعالى ؛ وقبل الله شفاعتهم ، فلذلك لم تقم القيامة !
وتنفس الناس الصعداء (كما يقول الجبرتى فى تاريخه) . ورجعت ريما لعاداتها القديمة !
فعاد التقى الورع لسابق ورعه وتقواه ؛ وارتد أهل الخلاعة والرقاعة لسابق خلاعتهم ورقاعتهم ؛ بل وزادوا عليها !
أما الحكام .. فقد وجدوها فرصة سانحة لن تتكرر؛ لفرض المزيد من المكوس والضرائب ؛ احتفالا بنعمة الدنيا !
ولم لا ؟ وقد من الله على عباده من المحكومين ؛ بأن أخر نهايتهم ؛ وأجل يوم حسابهم؛ ولو .. إلى حين!
---------------------------------
بقلم : خالد حمزة